Mideastweb: Middle East

 ليت حلمي يتحقق

   .    MidEastWeb in English

English Version: If only my dream is realized

 ليت حلمي يتحقق

بقلـم روان يوسف صلاح

تشارك روان، تلميذة في الصف التاسع من خارج نابلس أحلامها بفلسطين مستقلة، حين تتمكن من السفر داخل بلدها بحرية، "تجول السماء وتحرث الأرض ونخوض البحار".

(مصدر المقال: مسابقة مقال صوت واحد (One Voice)، ضمن برنامج "تخيل 2018" وخدمة Common Ground الإخبارية).

المقال الثاني: ليت حلمي يتحقق

روان يوسف صلاح

نابلس - وأخيراً حان موعد الانطلاق، وها هي المعلّمة المشرفة على الرحلة تنهي تفقُّد الطالبات في الحافلة. أغلق السائق الباب، وبدأت الحافلة تتحرك ببطء يزعجني، ومع ذلك رَقََص قلبي فرحاً والتفتُّ إلى زميلتي في المقعد والابتسامة ترتسم على شفتي. لقد انطلقنا، سنفرح، سنلعب.

يا له من صباح مشرق جميل...! وفجأة ساد الصمت استجابة لطلب مشرفة الرحلة، لنسمع ما ستقول حول الرحلة من نصائح وإرشادات تتعلق بسلوكنا عند وصول حاجز عسكري، أو اعتراض دورية عسكرية إسرائيلية للحافلة إلى غير ذلك من التعليمات.

وما أن أنهت المشرفة حديثها حتى نبَّهَنا سائق الحافلة لاقترابنا من أحد الحواجز العسكرية الثابتة الصعبة، وطلب منّا التزام الهدوء، وعدم الخوف حتى نتجاوزه. توقفت الحافلة وفُتِحت أبوابها وطُلب إلينا النزول منها بنظام لنصطف في صف طويل، وصعد بعض الجنود إلى داخل الحافلة لتفتيشها، وبقي آخرون لمراقبتنا، ينتقلون بأعينهم إلينا واحدة تلو الأخرى ونحن نرتجف تارة ونهدأ أخرى. دموع هنا وأنفاس متلاحقة هناك، دقائق مرّت كأنها ساعات حتى انتهى الجنود من التفتيش والسؤال عن التصاريح اللازمة ومسار الرحلة وأهدافها، ثمَّ سُمِح لنا بالصعود ونحن لا نصدق أننا سنمر بعد هذا العذاب، وانطلقنا من جديد.

بعد قليل شعرت بصداع ودوار في رأسي. أسندت رأسي إلى مسند المقعد وأغمضت عيني ولا أدري كيف ذهبت في النوم رغم أصوات الفرح والغناء الصادرة عن الطالبات، والتي تحولت إلى حلم جميل. أصوات احتفالات، ساحة كبيرة تملؤها الزينة والأعلام وأصوات الزغاريد والأناشيد، لا حدود لأعداد المحتفلين من كل الفئات والأعمار. الجميع مبتهج ومسرور بانتظار بدء الاحتفال.

أدهشني ما أرى وأسمع، بدأت أبحث عن أحد أسأله عن سبب الاحتفال، أو لافتة تُشير إلى المناسبة العظيمة التي يُحتَفَل بها، وقطع حيرتي صوت المذيع يعلن بدء الاحتفال بالذكرى العاشرة لاستقلال دولة فلسطين الأبية.

ماذا؟ استقلال؟ دولة؟ فلسطين؟ الذكرى العاشرة؟ ماذا يجري؟ أين أنا، في أي عام نحن؟ أحُلم هذا أم علم؟

دوار شديد أصابني، وقعت على الأرض ولم أدرِ ما جرى. أفقت وفتحت عيوني على صوت حنون يناديني ... "أفيقي يا صغيرتي، ماذا أصابك؟" انتبهت إلى صاحبة الصوت، فإذا هي ممرضة جميلة بصورتها وابتسامتها وثيابها البيضاء ... أين أنا؟

"أنت هنا في أمان في عيادة الإسعاف التابعة للاحتفال". أي احتفال هذا؟

"إنه الاحتفال بالذكرى العاشرة لاستقلال فلسطين". هل نالت فلسطين استقلالها؟ متى؟ في أي عام نحن؟

"نعم لقد استقلّت فلسطين في العام 2008، أي قبل عشر سنوات ونحن الآن في العام 2018م". معقول، يا إلهي وكيف مضت تلك السنوات العشر؟ هل شعرنا بها؟

"نعم يا صغيرتي لقد نال شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله وبنى دولته على أرضه الثابتة، وأصبحنا نتمتع بالحرية الكاملة، نتحرك كيف نشاء، لا حواجز ولا اغتيالات، لا سجن ولا سجّان، لا يتامى ولا ثكالى، لا بيوت تُهدَم ولا مساجد تدنَّس، لا تفجيرات هنا ولا اقتحامات هناك، لا لاجئين ولا نازحين، الكل يعيش حرّاً هنا في فلسطين، نحتفل ونتزوج ونتعلم ونسافر ونقيم حيث نشاء، على أرضنا، على ملعبنا، في مدرستنا، في مسجدنا، في حديقتنا، في فلسطين المحبة والألفة والخير والسلامة". سيدتي هل صحيح لنا دولة؟

"نعم يا صغيرتي لنا دولة حرّة ولها حدود معترف بها، نسافر إلى كل الأقطار بالطائرة، بالسفينة، بالسيارة، بالقطار، نجوب السماء ونحرث الأرض ونخوض البحار، فقد انتهى الاحتلال بعد أن وقع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي اتفاقية سلام قبل عشرة أعوام، وأصبحنا ككل شعوب الأرض أحراراً لا نخاف إلا الواحد القهار". يا إلهي لقد تحقق الحلم، لقد تحقق الحلم ، حمداً لك يا رب العالمين.

"روان، روان، أفيقي لقد وصلنا"، كان هذا صوت زميلتي في المقعد.

وإذ أنا في الحافلة وتستعد الطالبات للنزول إلى المدينة.


* روان يوسف صلاح فتاة في الصف التاسع بمدرسة قبلان الثانوية للبنات، جنوب نابلس. كتب هذا المقال لمسابقة "تخيل 2018" www.imagine2018.com، وتقوم خدمةCommon Ground الإخبارية بتوزيعه بالتعاون مع "صوت واحد" (One Voice)، (www.onevoicemovement.org)  ويمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org.

مصدر المقال: مسابقة مقال صوت واحد (One Voice)، ضمن برنامج "تخيل 2018" وخدمة Common Ground الإخبارية.

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.