Mideastweb: Middle East

على مذبح فلسطين

   .    MidEastWeb in English

English Version: At the Altar of Palestine

على مذبح فلسطين

منى الطحاوي

تشير الصحفية المصرية منى الطهاوي إلى أنه "في الوقت الذي تستحق فيه الأزمة في غزة الاهتمام العربي، كذلك يجب أن تحوز الاهتمامات الوطنية الملحّة على هذا الاهتمام، والتي تتم "التضحية بها أحياناً على مذبح النزاع الإسرائيلي الفلسطيني".

(مصدر المقال: أجانس غلوبال Agence Global، 6 شباط/فبراير 2008)

القاهرة – بعد تحقيقه هدفاً في مباراة جرت مؤخراً ضد السودان ضمن كأس الأمم الأفريقية، رفع نجم كرة القدم المصري أبو تريكة قميصه ليظهر تحته قميص آخر كتبت عليه رسالة "تعاطفاً مع غزة"، نتيجة لهذه الرسالة حصل اللاعب على بطاقة صفراء لانتهاكه قانوناً بعدم تسييس كرة القدم، ولكن ذلك توَّجَه فوراً كآخر أبطال فلسطين.

في الوقت الذي تستحق فيه حالة غزة بالتأكيد القلق والاهتمام، من الملفت للنظر أن قميص أبو تريكة لم يشر إلى التعاطف مع، على سبيل المثال، دارفور، حيث قتل حوالي 200،000 شخص في القتال الدائر بين المتمردين والميليشيا من أنصار الحكومة، ونزح مليونين ونصف المليون عن ديارهم.  ولكن الأمر كان كذلك منذ عقود عدة في العالم العربي، حيث تجري التضحية بقضية بعد الأخرى على مذبح النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

يجب أن أعترف أنه عندما قامت حماس بتفجير ثغرات في جدار الحدود مع مصر بهدف إنهاء الحصار على غزة، كانت فكرتي الأولى، كم هم محظوظون هؤلاء الغزيون، فأنا أعلم أنهم لا يُحسدون على ورطتهم وهم محاصَرون ويعيشون على أقل من دولارين في اليوم.  ولكن هناك مناطق مصرية فقيرة تسبح في مياه المجاري بشكل أسوأ، وتغرق في فقر أعمق وأعمّ.  في هذه المناطق الفقيرة يجري تجاهل الأمراض المزمنة فتبقى دون علاج، وينشأ الأولاد إلى جانب الموتى في المقابر التي تحولت إلى مساكن مرتجلة.

إلا أن أحداً لا يسرع ليفجّر حفراً في الحدود الوهمية للفقر التي تخنق تلك المناطق الفقيرة، ولا يلبس أحد قمصاناً تدعو للتعاطف معهم.  لماذا؟  لأنه لا يمكن إلقاء اللوم على إسرائيل.

لعقود خلت، ضحى الحكام العرب المستبدون المتعاقبون بقضاياهم الوطنية على مذبح النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وأخبرونا بضرورة حل هذا النزاع حتى يتسنى تحقيق أي تقدم، أكان إيقاف الإرهاب أو تبني الديمقراطية أو إنهاء الفقر.  ومما لا يثير الدهشة أنه رغم السلام مع إسرائيل في السنوات التسع والعشرين الماضية، ما زالت مصر تعاني من المشاكل نفسها.

قمت كمراسلة لوكالة رويترز في القدس في عام 1998 بزيارة عدد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.  ودهشت لمشاهدة أن الظروف المعيشية هناك هي أفضل منها في المناطق الفقيرة في القاهرة، مدينتي (يدفعني الإحباط وليس اللؤم لأن أقول ذلك).

رغم اتفاقية السلام التي عقدتها مصر مع إسرائيل عام 1979، لا يشجع النظام المصري مواطنيه على زيارة إسرائيل أو المناطق الفلسطينية.  لذا فإن قلة هم الذين يستطيعون القيام بمقارنة كهذه.

كما تُثبَّط همة الإعلام، وخاصة المملوك من قبل الحكومة، من التركيز على القضايا الوطنية، مثل الحالة البائسة لمناطقنا الفقيرة.  وتكرس بدلاً من ذلك معظم المساحات المطبوعة وساعات البث للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والعراق.  لم يحصل العراق على اهتمام يُذكر عندما كان صدام حسين يملأ القبور الجماعية بالشيعة والأكراد، ولكنه قفز إلى مقدمات نشرات الأخبار عندما غزا "بعبع" العالم العربي الآخر – الولايات المتحدة – العراق في عام 2003.

ويحافظ زعماء إسرائيل دائماً على هاجسنا الفلسطيني حياً من خلال توسيع المستوطنات ومعاقبة الفلسطينيين جماعياً فتحطّ بشكل متواصل من شرعية الزعماء الفلسطينيين الذين يظهرون أقل رغبة في التوصل إلى ذلك السلام الذي ما فتئ يتملص.

انتقلت عصا فلسطين مؤخراً إلى قبضة الإسلاميين الصارمة والخطرة.  قدمت سنوات طويلة من فساد قيادة فتح نصراً انتخابياً لحماس عام 2006، مهد الطريق، لسوء الحظ، للحرب الأهلية بين الفصائل المتناحرة، مما حطم الأسطورة بأن زعماء فلسطين يهتمون بشعبهم أكثر من تناحرهم على السلطة.

أصبح مسلحو حماس المقنّعون، الذين يطلقون الصواريخ إلى داخل إسرائيل دونما اهتمام يذكر بنتائج ذلك على شعبهم، أصبحوا أبطال اليوم لأنهم فجروا الحدود المصرية.  يُنظر إلى مصر في الغرب وفصيل فتح برئاسة محمود عباس إلى الشرق على أنهما سجّانو غزة بالوكالة، وكلما شددت إسرائيل من قبضتها كلما جرى تضخيم هذا السيناريو.

كافح العديد من المصريين لموازنة مخاوفهم لدى رؤية الإسلاميين المسلّحين يفجّرون حدود بلادهم، مع رغباتهم بإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة. أصبح موقع شبكة Facebook الاجتماعي ذو الشعبية موطناً لجَدَل ملتهب لجماعات تحمل أسماء مثل "أنقذوا غزة من أجل الإنسانية وليس من أجل حماس" و "أبعدوا الفلسطينيين عن العريش – نريد أن تعود حدودنا لنا".

أخبرتني شابة مصرية أنها تعتبر عمل حماس على الحدود "غزوة".  "لقد قاموا بتفجير الحدود.  وضْع النساء والأطفال في المقدمة لا يجعل الأمر مقبولاً"، كما تقول هذه الشابة.  "لقد هاجموا القوات المصرية.  لقد تصرّفوا كقطُّاع الطرق.  كانت حركة سياسية. و لم يبدوا أي احترام لمصر.  لهذا أريدهم أن يخرجوا، في الحقيقة".

تأتي إحدى أكثر المحاولات لمواجهة نتائج النزاع الإسرائيلي الفلسطيني صِدقاً من نجم آخر في عالم الطرب هو المغني شعبان عبد الرحيم.  أعلن عبد الرحيم بفخر، وهو بطل من أبطال الموسيقى الشعبية التي تشبه موسيقى الهيب هوب في كل من قدرتها على إعطاء صوت للشارع والاستحواذ على الاتهامات السوقية، أعلن بفخر في عام 2001، "أنا أكره إسرائيل" في أغنية لاقت رواجاً شديداً، ولعن الدنمرك عام 2006 بعد أن نشرت إحدى صحفها صوراً كرتونية للنبي محمد (ص).

تهاجم آخر أغنية له الزعماء الفلسطينيين.  الأغنية التي انطلقت قبل قيام حماس بتفجير الحدود المصرية "من يصدق؟" تعرب عن اشمئزاز عبد الرحيم من منظر "حماس ضد فتح وفتح ضد حماس.  يتقاتلان مثل إخوان على الميراث".

وهو يتهم الطرفين بأنهما نسيا "من الذي سرق منكما، وأنتما تتقاتلان على السلطة والمراكز" ويخبرهما أنهما خاناه بعد أن "أعلن بشجاعة أنه يكره إسرائيل" في الأغنية التي وضعته على الخريطة العالمية للإعلام، بما فيها تغطية على السي إن إن.

لم أتصور أن أنطلق بها يوماً، ولكنني أرشح عبد الرحيم، أو "شعبولا" كما هو معروف شعبياً، بطلاً فلسطينياً.


*منى الطحاوي صحفية ومعلقة حائزة على جوائز مقرها نيويورك، وهي محاضرة دولية حول القضايا العربية والإسلاميةتقوم خدمة   Ground Common الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org

مصدر المقال: أجانس غلوبال Agence Global، 6 شباط/فبراير 2008

www.agenceglobal.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

    Contact MidEast Web

ليهود، الديانة اليهودية، العداء للسامية، التلمود، والصهيونية

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في كبسولة

 

المسرح العربي اليهودي نيماشيم

أولاد سلام إنجليزي

Map of Palestine Map of Israel Map of Iran Map of Syria Map of Afghanistan Jerusalem Detail Map  Map of Egypt Dictionary Middle East Recipes Jerusalem/Quds to Jericho   Israeli-Palestinian History   Middle East Countries   Detailed Iraq Map Map of Iraq Baghdad Map Iraq Iran Islam History History of Arabia   Egypt  History of Israel & Palestine  Israel-Palestine Timeline  History of Zionism Israeli-Palestinian Conflict in a Nutshell Population of Ottoman Palestine Palestinian Parties and armed Groups Middle East Maps  Hamas  MidEastWeb Middle East Master Reference and External Sources