Mideastweb: Middle East

تقرير حول بعض مواد المسودة الثالثة المنقحة

لدستور دولة فلسطين المؤرخ في 26 آذار 2003

Arabic home page

 

Middle East

news

water

books

newsletter

culture

dialog

links

maps

contact

donations

تقريرحول بعض مواد المسودة الثالثة المنقحة لدستور دولة فلسطين المؤرخ في 26 آذار 2003

Institut suisse de droit comparé

Schweizerisches Institut für Rechtsvergleichung

Istituto svizzero di diritto comparato

Swiss Institute of Comparative Law                                المعهد السويسري للقانون المقارن

     

Sami Aldeeb, Doctor of Law

Commission Justice and Peace
Notre Dame of Jerusalem Centre
P.O. Box 20459‎
Jerusalem

Lausanne, May 3, 2003‎

Dorigny

1015 Lausanne (Suisse)

Téléphone: 021/692 49 11

Téléfax: 021/692 49 49
 

 

لوزان في 3/5/2003

 

تقرير

حول بعض مواد المسودة الثالثة المنقحة

لدستور دولة فلسطين المؤرخ في 26 آذار 2003

 

حضرات السادة الكرام

 

تحية طيبة وبعد،

 

كفلسطيني مسيحي يشرفني أن أرفع إليكم، بناءاً على طلب لجنتكم الموقرة "العدل والسلام – القدس"، هذا التقرير حول بعض مواد المسودة الثالثة المنقحة لدستور دولة فلسطين.

 

تعريف بنفسي

تنبع ملاحظاتي على المسودة الثالثة المنقحة لدستور دولة فلسطين من:

-      دراستي للقانون السويسري ومشاركتي بترجمة الدستور السويسري لعام 2000 إلى العربية[1].

-      دراستي للوضع في مصر إذ أن رسالة الدكتوراه التي قدمتها لجامعة فريبورغ - سويسرا عام 1977 كان عنوانها: "غير المسلمين في بلاد الإسلام: الوضع في مصر"[2].

-      خبرتي القانونية كمسؤول عن القسم العربي والإسلامي في المعهد السويسري للقانون المقارن في لوزان منذ 1980، وقد قمت خلالها بنشر العديد من الكتب والمقالات في مجال الشريعة الإسلامية والقانون العربي وحقوق الإنسان بالإضافة إلى إعطاء العديد من الاستشارات القانونية والمحاضرات في هذين المجالين[3].

 

مقدمة عامة

1)    وصلني من لجنة العدل والسلام نص عربي يحمل تاريخ 26 آذار 2003 يتضمن 190 مادة[4] ونص إنكليزي يحمل تاريخ 25 آذار ويتضمن 193 مادة[5]. ومن غير الواضح ما هو النص الأخير منهما. وسوف أعتمد على النص العربي مع مقارنته بالنص الإنكليزي عند الضرورة.

2)    ليس القصد هنا التعليق على الدستور بأكمله، بل تقديم بعض الملاحظات حول مواد الدستور التي لها علاقة بالدين، وهو مجال تخصصي وموضع اهتمامي كرجل قانون فلسطيني مسيحي.

3)    لا تتفق ملاحظاتي بالضرورة مع رؤية السلطات الدينية المسيحية المختلفة في فلسطين رغم ما أكن لها من احترام. ويجب هنا ملاحظة أن الوضع المعاش يخلق قبولاً ولو على غضاضة عند الأقلية المسيحية، خوفاً من عرض الآراء على الأكثرية المسلمة في الوضع المأساوي الحالي الذي يعيشه الجميع فيفسر هذا العرض نسفاً لوحدة الصف. ومن جهة أخرى يصعب على الأكثرية اكتشاف المشاكل التي تعاني منها الأقلية، أو قد تعتبر تلك المشاكل أمراً تافهاً بالنسبة للمشاكل الأخرى التي يعيشها المجتمع الفلسطيني حالياً. ولكن ما دمنا نضع دستوراً حديثاً ونود أن نخلق مجتمعاً لا تنخره الحساسيات الدينية المكتومة، لذا يجب علينا إتباع طريق الصراحة للصالح العام.

4)    ينتظر من الدستور أن يكون النص الأساسي الذي يحكم المجتمع ويحمي الفرد، وليس فقط بطاقة تعريف تقدم للأجانب أو ورقة تين لإخفاء العورة أمام الغير. وبكونه دستور حديث لدولة حديثة شرق أوسطية فإنه ينتظر منه أن يأخذ بأحدث التطورات القانونية، وأن يتمشى مع مبادئ حقوق الإنسان في أحدث ما وصلت إليه، وأن يتفادى المشاكل التي تعاني منها الدول الشرق الأوسطية بدلاً من أن يكون نسخة لدساتير تلك الدول مع ما تحمله من شوائب. وألاحظ هنا أن أعضاء اللجنة العربية لدعم صياغة الدستور الفلسطيني أساتذة مصريون أفاضل كلهم مسلمون. ومن المعروف أن الأكثرية المسلمة في مصر قليلاً ما تأخذ بالاعتبار وضع الأقلية المسيحية هناك فتجهلها أو تتجاهلها بسبب حساسية الموضوع. وكان من الواجب أن تقوم لجنة الدستور الفلسطينية بإشراك أساتذة قانون مصريين مسيحيين حتى يتم الاستماع إلى وجهة نظرهم وتفادي المشاكل التي يعانون منها، بدلاً من نقل مواد الدستور المصري دون النظر في عيوبه في موضوع العلاقة بين الأكثرية المسلمة والأقلية المسيحية.

 

التعليق على بعض مواد الدستور

المادة 5

اللغة العربية هي اللغة الرسمية والإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين. وللمسيحية ولسائر الرسالات السماوية قدسيتها واحترامها. ويكفل الدستور للمواطنين أي كانت عقيدتهم الدينية، المساواة في الحقوق والواجبات.

 النص على الإسلام دين رسمي في فلسطين مأخوذ من المادة الثانية للدستور المصري. وقد احتج عليه الأقباط بشدّة[6]. وهذا التعبير على كل حال لا معنى له. فأركان الإسلام المتعارف عليها هي خمسة: الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج. وبما أن الدولة لا تؤدي الشهادة ولا تصلي ولا تصوم ولا تزكي ولا تحج، فلا يمكن لها أن تكون مسلمة، وفقاً لما قاله لي الأستاذ حامد زكي، رحمه الله، في مقابلة أجريتها معه في القاهرة في 24 يوليو 1977. يمكن للأفراد أن يكونوا مسلمين، أما الدولة، فهي شخص اعتباري ذات مهام إدارية تدير شؤون المجتمع. ويجب أن تأخذ موقف حيادي من الدين ولا تتعصب لدين على دين. فالدين لله والوطن للجميع[7].

ومن يريد الإبقاء على بند "الإسلام دين رسمي في فلسطين" في الدستور، عليه تعريف هذا البند وشرح نتائجه. فإن كان المقصود منه هو أخذ موقف متحيّز لمجموعة ضد أخرى، فهذا مخالف للجزء الثاني من المادة 5 ذاتها التي تقول: "ويكفل الدستور للمواطنين أي كانت عقيدتهم الدينية، المساواة في الحقوق والواجبات"، كما هو مخالف للمادة 19 التي تقول: "كل الفلسطينيين سواء أمام القانون ... دون تمييز بسبب الدين"، وللمادة 20 التي تقول: "حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، وتعمل الدولة على كفالة الحقوق والحريات ... لكل المواطنين، وتمتعهم بها على أساس مبدأ المساواة". وإن كان رد مؤيدي الإبقاء على هذا البند في الدستور أن لا نتائج قانونية له، فنحن إذن أمام لغو لا مكان له في الدستور.

من جهة أخرى نحن كفلسطينيين عانينا الأمرّين من إسرائيل التي اتخذت من اليهودية ديناً رسمياً ومارست التمييز ضد غير اليهود. فعلينا التعلم من تلك التجربة المريرة وعدم الوقوع في نفس الغلطة التي نلوم إسرائيل عليها. أضف إلى ذلك أن وجود مثل هذا النص قد يغتنمه بعض المتعصبين لغايات تضر بالوئام وتنتقص من حقوق غير المسلمين.

لكل تلك الأسباب، وأخذاً بمبدأ "سد الذرائع"، يجب حذف هذه المادة بالكامل ووضع البند القائل "اللغة العربية هي اللغة الرسمية" في نهاية المادة 2 من الدستور.

 

المادة 7

مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. ولأتباع الرسالات السماوية، تنظيم أحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية وفقا لشرائِعهم ومللهم الدينية في إطار القانون، وبما يحفظ وحدة الشعب الفلسطيني واستقلاله.

 

تبدأ هذه المادة بإعطاء أولوية للشريعة الإسلامية على غيرها من الشرائع الدينية. وهذا يخالف المواد 5 و 19 و 20 من الدستور التي تكفل المساواة وعدم التمييز على أساس الدين. وقد تكون هذه المادة أحد النتائج السلبية للمادة الخامسة السابقة الذكر والتي تنص على أن "الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين". وإن كان الأمر كذلك، فهذا سبب إضافي لحذف المادة الخامسة من الدستور. وحتى لا يكون هناك تمييز بين المسلمين وغير المسلمين وفقاً للدستور ذاته، أرى تغيير الجزء الأول من هذه المادة كما يلي:

"مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ الديانات السماوية التي لا تناقض تلك الحقوق مصدر من مصادر التشريع".

والاشتراط بعدم مخالفة حقوق الإنسان نابع من ضرورة تفادي تبني قوانين مستلهمة من الشرائع الدينية تميّز بين الناس على أساس الدين أو الجنس. فإذا ما أردنا احترام الدستور علينا مثلاً حذف مانع الدين في الزواج كما علينا حذف تعدد الزوجات باعتبار هاتين القاعدتين الشرعيتين  مخالفتين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولمبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور.

الجزء الثاني من هذه المادة يبقي على القوانين والمحاكم الطائفية للمسلمين وغير المسلمين. وهذا الأمر خطير للغاية لأن فيه انتقاص لسيادة الدولة التشريعية والقضائية. وقد عانت مصر من وجود المحاكم الدينية حتى قررت عام 1955 إلغاءها. ولكنها أبقت على القوانين الطائفية مع ما يتبع ذلك من فوضى وتمييز بين أتباع الديانات المختلفة وخرق لحقوق الإنسان. ومانع الديني في الزواج السابق الذكر هو أحد نتائج القوانين الطائفية. أضف إلى ذلك أن من لا يريد الانتماء لطائفة معينة أو "يرتد عن الإسلام" فحقوقه تضيع، وفي هذا مخالفة صريحة للمواد 5 و 19 و 20 من الدستور وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تشير إليه المادة 18 من الدستور، وخاصة للمادتين التاليتين:

المادة 16 فقرة 1: "للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلال".

المادة 18: " لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده".

ولا حاجة هنا للإطالة في عيوب هذا النظام الطائفي. وعليه فنحن نرى أن تنشئ الدولة محاكم عامة وأن تحذف جميع القوانين الطائفية وتسن قانون أحوال شخصية واحد يحترم حقوق الإنسان ولا يميز بين الناس على أساس الدين أو الجنس. كما يجب وضع نظام زواج مدني إلزامي مع إمكانية إقامة مراسم دينية لاحقة لمن يريد ذلك.

ويجب هنا التنبيه إلى أن الجامعة العربية أعدّت مشروع أحوال شخصية موحد، ولكن هذا المشروع يخالف حقوق الإنسان. بينما قامت مجموعة نسائية مغاربية تدعى "مجموعة 95 المغاربية من أجل المساواة" باقتراح مشروع أطلقت عليه اسم: "مائة إجراء ومقتضيات من أجل تقنين مغاربي بروح المساواة في مادة الأحوال الشخصية وقانون الأسرة". وهذا هو الشروع الذي يجب على الدولة الفلسطينية الأخذ به. وهو يعتمد على تفسير حديث للشريعة الإسلامية يتفق وحقوق الإنسان.

 

المادة 8

النظام السياسي الفلسطيني، ديمقراطي نيابي برلماني، يقوم على التعددية الحزبية السياسية، وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم ومنها حرية تكوين الأحزاب وممارستها لنشاطها على أساس القانون. وتلتزم الأحزاب مبادئ السيادة الوطنية والديموقراطية والتداول السلمي للسلطة عملا بالدستور.

 

تنص هذه المادة على حرية تكوين الأحزاب. ويجب هنا مراعاة الوضع في الشرق الأوسط حيث تقوم مجموعات دينية إما في إسرائيل أو في الدول العربية بتأسيس أحزاب تنافس على السلطة وتنتقص من حقوق الآخرين. وما يحدث عند اليهود والمسلمين قد ينتهجه بعض المسيحيين فيطالبون بقيام دولة للأقلية المسيحية كما يفعل المسلمون واليهود. وعليه نرى النص في الدستور على ضرورة أن تحترم الأحزاب السياسية مبدأ عدم التمييز الديني في برامجها وعضويتها. وهذا يعني منع قيام أحزاب دينية تتخذ من الدين وسيلة لانتقاص حقوق الآخرين وتهدد سلامة البلد.

 

المادة 18

تلتزم دولة فلسطين بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتسعى للانضمام إلى المواثيق والعهود الدولية الأخرى التي تحمي حقوق الإنسان.

 

من الضروري هنا إضافة تعبير "دون تحفّظ" في نهاية هذه المادة لأن الدول العربية قامت بالتحفظ على كثير من النصوص الخاصة بحقوق الإنسان، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فأفرغتها من محتواها ومن روحها. فكان انضمامها لتكل المواثيق شكلي للظهور أمام العالم أنها تحترم حقوق الإنسان. وقد تعللت تلك الدول بكون بعض بنود تلك الاتفاقيات تخالف الشريعة الإسلامية. وكانت النتيجة أن تلك الدول أبقت على نظم قانونية لا تأخذ بمبدأ المساواة وعدم التمييز بسبب الدين والجنس. وهذا الأمر ذاته مخالف للمواد 5 و 19 و 20 من الدستور الفلسطيني.

 

المادة 19

كل الفلسطينيين سواء أمام القانون، وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية، ويتحملون الواجبات العامة دون ما فرق أو تمييز في ما بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة.

 

تقول هذه المادة "دون ما فرق أو تمييز في ما بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين...". وواضح أن هذا التسلسل مأخوذ من المواثيق الدولية. ولكن بسبب الوضع الخاص في الشرق الأوسط يجب تغيير هذا التسلسل لجعله أكثر ملاءمة. لذلك أقترح التسلسل التالي: "دون ما فرق أو تمييز في ما بينهم بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون..."

 

المادة 20

حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، وتعمل الدولة على كفالة الحقوق والحريات الدينية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل المواطنين، وتمتعهم بها على أساس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

لا يحرم شخص من حقوقه وحرياته الأساسية أو أهليته القانونية لأسباب سياسية.

 

لا أرى داع للفقرة الثانية لأنها تكرر ما جاء في الفقرة الأولى. ولكن إن كان هناك ما يدعو إلى إبقائها فأنا أرى بلورتها كما يلي:

"لا يحرم شخص من حقوقه وحرياته الأساسية أو أهليته القانونية لأسباب دينية أو جنسية أو سياسية".

فمن المعروف أن في شرقنا يتم انتقاص الحقوق خاصة بسبب الدين أو الجنس.

 

المادة 21

لكل فلسطيني، من الجنسين، يبلغ من العمر ثمانية عشر سنة ميلادية حق الانتخاب، وذلك وفقاً للشروط المنصوص عليها في القانون.

ولكل من يحمل الجنسية الفلسطينية أن يرشح نفسه لرئاسة الدولة أو لعضوية المجلس النيابي و/أو أن يولى الوزارة، أو القضاء. وينظم القانون السن وسائر الشروط اللازمة لتولي هذه المناصب.

 

أرى ضرورة إضافة "دون ما فرق أو تمييز في ما بينهم بسبب الدين أو الجنس" في آخر الفقرة الثانية، وذلك لتفادي المفاجئات عند سن القانون بخصوص تولي تلك المناصب. فمن المعروف أن هناك دول إسلامية مثل الكويت تمنع النساء من الانتخاب والترشيح لمثل تلك المناصب.

 

المادة 22

للمرأة شخصيتها القانونية، وذمتها المالية المستقلة، ولها ذات الحقوق والحريات الأساسية التي للرجل وعليها ذات الواجبات.

 

لا أرى ضرورة لهذه المادة لأنها تفصيل لا داع له لما جاء في المادة 19. ولكن إن أردنا إبقاءها لسبب معين أرى ضرورة إضافة "بما في ذلك مجال الأحوال الشخصية وتولي الوظائف العامة" في آخر المادة. فمن المعروف أن انتقاص حقوق المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية يتم عامة في هذين المجالين. كما أن الدول العربية والإسلامية قد تحفّظت على المعاهدات الدولية فيما يخص حقوق المرأة مدّعية أن المساواة في الحقوق مخالف للشريعة الإسلامية. ونشير هنا على سبيل المثال أنه لم يتم تولي المرأة منصب القضاء في مصر إلا هذا العام.

 

المادة 23

للمرأة الحق في المساهمة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، ويعمل القانون على إزالة القيود التي تمنع المرأة من المشاركة في بناء الأسرة والمجتمع.

حقوق المرأة الدستورية والشرعية مصونة ويعاقب القانون على المساس بها، ويحمي حقها في الإرث الشرعي.

 

وفي النص الإنكليزي المقابل:

Women shall have the right to participate actively in the social, political, cultural and economic aspects of life. The Law shall strive to abolish restraints that prevent women from contributing to the building of family and society.

The constitutional and legal rights of women shall be safeguarded; arid any violation of those rights shall be punishable by law. The law shall also protect their legal inheritance.

 

تقول الفقرة الثانية "حقوق المرأة الدستورية والشرعية" و "الإرث الشرعي" وفي النص الإنكليزي المقابل "حقوق المرأة الدستورية والقانونية" و "الإرث القانوني". والفرق شاسع بين الاثنين. فالنص العربي يعني "الشريعة الإسلامية". ومن المعروف أن الشريعة، حسب بعض مفسريها، وهم كثرة، تحرم المرأة من بعض حقوقها مثل تولي القضاء أو التساوي في الشهادة وفي الميراث، إلخ. من جهة أخرى هناك نساء غير مسلمات، ولا نرى لماذا النص فقط على الحقوق الشرعية دون سواها. لذلك نرى حذف كلمة "الشرعية"، وذلك لتفادي المفاجئات في التفسير والتطبيق.

ونشير هنا أن مشكلة مشابهة وقعت في قانون الأحوال الشخصية التونسي. فالمادة الخامسة تقول: "يجب أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية". بينما النص الفرنسي يقول: "يجب أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع القانونية". فإذا تمسكنا بالنص الفرنسي، فالموانع تعني تلك التي ذكرها القانون التونسي في المواد 14 إلى 20 . وهي لا تمنع المسلمة من الزواج من غير المسلم. بينما إذا تمسكنا بالنص العربي، فهذا يعني الرجوع إلى الموانع التي تذكرها الشريعة الإسلامية بما فيها مانع الدين. وإذا أخذنا بهذا التفسير الأخير في فلسطين، فهذا يعتبر خرقاً للمواد 5 و 19 و 20 من الدستور.

 

المادة 24

للطفل سائر الحقوق التي كفلها ميثاق حقوق الطفل العربي.

 

من غير الواضح لماذا تذكر هذه المادة ميثاق حقوق الطفل العربي[8]، وليس المعاهدة الدولية لحقوق الطفل. هل السبب هو لأن الدول العربية تحفّظت على بعض مواد المعاهدة الدولية لحقوق الطفل مدعية بأنها مخالفة للشريعة الإسلامية وأن الدولة الفلسطينية لا تنوي احترام تلك المعاهدة في قوانينها[9]؟ لذلك يجب تغيير هذه المادة كما يلي:

"للطفل سائر الحقوق التي كفلها ميثاق حقوق الطفل العربي والمعاهدة الدولية لحقوق الطفل".

 

المادة 25

الحق في الحياة مصون يحميه القانون.

 

تمشياً مع مواثيق حقوق الإنسان التي ترمي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، نرى ضرورة التأكيد في هذه المادة على إلغاء تلك العقوبة. فتصبح هذه المادة:

"الحق في الحياة مصون يحميه القانون، ولا يحق تنفيذ عقوبة الإعدام".

 

المادة 26 الفقرة الأولى

لكل إنسان الحق في سلامة شخصه.

 

نرى ضرورة تغيير هذه الفقرة كما يلي:

"لكل إنسان الحق في سلامة شخصه، ولا يحق المس بسلامة الجسد إلا لأسباب طبية مهمة بعد موافقة الشخص المعني أو ولي أمره".

والقصد الأول من هذا التعديل هو منع العمليات التي لا داع طبي لها ومن بينها ختان الذكور والإناث علماً بأن الشريعة الإسلامية لا تفرض الختان خلافاً لما يعتقد الكثيرون والختان هو تعدي على سلامة الجسد لا مبرر له[10].  والقصد الثاني هو سد الطريق على من قد يقترح تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال عقوبات القصاص والحدود (مثل قطع يد ورجل السارق) كما هو الأمر في بعض الدول العربية والإسلامية وكما ينص عليه مشروع قانون العقوبات ألإسلامي المصري لعام 1982 ومشروع قانون العقوبات الموحّد الذي وضعته الجامعة العربية عام 1986.

 

المادة 36 الفقرة الأولى

حرية العقيدة وممارسة شعائر العبادة مكفولة وفقا لأحكام الدستور.

 

من المعروف أن المجتمع الإسلامي، بما فيه فلسطين، يشجع التحول إلى الإسلام بينما يعاقب كل من يترك الإسلام بفسخ زواجه، وحرمانه من الميراث، وتجريده من حق الحضانة، إلخ. لا بل هناك من يطالب بقتله. وبما أن ذلك يخالف للمواد 5 و 19 و 20 من الدستور ومواثيق حقوق الإنسان بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تشير إليه المادة 18 من الدستور، يجب إضافة الحق في تغيير الديانة دون عواقب قانونية إلى هذه الفقرة. ويا حبذا لو أن الدستور نقل المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تقول:

"لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده".

واحتراماً لمبدأ الحرية الدينية، يجب إضافة فقرة جديدة تقول:

"يختار الوالدان ديانة أولادهما دون سن السادسة عشر، ويحق لكل من يبلغ هذا السن اختيار الديانة التي يريد أتباعها بكل حريّة".

 

المادة 42

التعليم حق للفرد وللمجتمع، وهو إلزامي لكل مواطن حتى نهاية المرحلة الأساسية. وتكفله الدولة في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة حتى نهاية المرحلة الثانوية.

ينظم القانون طرق إشراف الدولة على أداء التعليم ومناهجه.

 

من المعروف أن مناهج التعليم الحكومي في فلسطين وفى الدول العربية مشبّع بالنصوص الإسلامية، ليس فقط في مواد التعليم الديني، بل أيضاً في مواد اللغة العربية والتاريخ. وعامة يتم التغاضي عن النصوص المسيحية. فبينما يلم الطالب المسيحي بثقافة عربية إسلامية تتيح له التعرف على أخيه المسلم، يجهل عامة الطالب المسلم كل شيء عن ثقافة ودين أخيه المسيحي[11]. وهذا مخالف للمواد 5 و 19 و 20 من الدستور كما هو مخالف لضرورة التعارف بين فئات المجتمع المختلفة. من جهة أخرى يجب أن تحترم المدارس الحرية الدينية للجميع وأن لا تفرض ديناً معيناً على الطلاب. ولذلك نرى ضرورة إضافة فقرتين إلى هذه المادة:

"يجب أن تتضمن المناهج الدراسية نصوصاً من التراث الثقافي والديني لجميع الطوائف دون تمييز وعلى قدم المساواة. ويقوم بوضع تلك المناهج لجان مشتركة تضم ممثلين عن تلك الطوائف. ويجب على تلك المناهج السعي إلى التعارف والتقارب بين فئات المجتمع المختلفة".

"يقوم بتوفير التعليم الديني للطلاب في المدارس ممثلون عن طوائفهم. ويحق لوالدي الطلاب دون سن السادسة عشر إعفاءهم من التعليم الديني، كما يحق للطلاب بعد هذا السن عدم متابعة التعليم الديني. ولا تؤخذ علامة الدين في تقرير نجاح الطلاب".

 

المادة 43

التعليم الخاص حر وينظم القانون إشراف الدولة على نظمه ومناهجه.

 

هناك مشكلة يجب تفاديها في التعليم الخاص. يوجد في مصر مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية وجامعية تابعة للأزهر لا يدخلها إلا المسلم. ونحن نرى أن مثل هذا النظام ضار على الوحدة الوطنية. ولذلك يجب تفاديه بإضافة فقرة إلى المادة 43 تقول:

"يجب على التعليم الخاص احترام مبدأ عدم التمييز على أساس الدين أو الجنس، كما يجب على المناهج الدراسية الالتزام بالمادة 42 بما فيها الفقرتين المضافتين".

 

المادة 54

لكل مواطن الحق في المساهمة في النشاطات السياسية بصورة فردية أو جماعية. وله على وجه الخصوص الحقوق والحريات التالية:

المشاركة في تشكيل الأحزاب السياسية و/أو الانضمام إليها، و/أو الانسحاب منها وفقا للقانون.

المشاركة في تشكيل النقابات والجمعيات والإتحادات والروابط والمنتديات والأندية والمؤسسات، و/أو الانضمام إليها، و/أو الانسحاب منها وفقا للقانون. وينظم القانون إجراءات إكسابها الشخصية الاعتبارية.

 

بخصوص تشكيل الأحزاب يجب مراعاة ما ذكرناه بخصوص المادة الثامنة أعلاه. من جهة أخرى يجب ملاحظة أن هناك نظامان لتأسيس الجمعيات والإتحادات:

-      نظام الإذن: كما هو في مصر مثلاً، حيث يجب طلب إذن الحكومة قبل تأسيس أي إتحاد أو جمعية، وهذا هو سبب ضعف المجتمع المدني في الدول العربية.

-      نظام القانون: كما هو في سويسرا مثلاً، حيث يسمح بتكوين الجمعيات والإتحادات دون طلب إذن الحكومة، على شرط احترام القانون المدني.

وعليه فيجب على الدستور النص بأن النظام المعمول به هو نظام القانون وليس نظام الإذن إذا كنا نريد تنمية المجتمع المدني[12].

 

المادة 71 وغيرها

قبل أن يشرع المجلس النيابي في القيام بمهامه الدستورية وفي أول جلسة انعقاد له، بعد انتخاب هيئة رئاسة المجلس النيابي، يؤدى الأعضاء القسم التالي:

" أقسم بالله العظيم. أن أكون مخلصاً للوطن، وأن أحافظ على حقوق الشعب والأمة ومصالحها، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أقوم بواجباتي حق القيام، والله على ما أقول شهيد ".

 

نجد في هذه المادة كما في غيرها (انظر المادة 115 والمادة 136) نص القسم: "أقسم بالله العظيم.... والله على ما أقول شهيد". وهذا القسم يخالف المواد 5 و 19 و 20 من الدستور. بما أننا نسمح بالحرية الدينية ونضمن المساواة دون تمييز على أساس الدين، كيف يمكننا أن نطلب من الملحد أو البوذي وغيره أن يؤدي مثل هذا القسم؟ وعليه، إذا ما أردنا الإبقاء على هذا القسم بصيغته الحالية، يجب وضع صيغة أخرى لمن لا يؤمن بالله أو لا يريد أن يقسم بالله. وهكذا لا نناقض الدستور. وهذا الأمر يجب احترامه في القوانين الأخرى مثل تلك الخاصة بتعيين القضاة (أنظر المادة 163 من الدستور) أو الشهادة أمام المحاكم.

 

المادة 79

تتولى الحكومة عقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تبرمها دولة فلسطين أو تنضم إليها، أما الاتفاقيات التي تُحمل خزانة الدولة نفقات غير واردة في الميزانية أو تُحمل المواطنين أو الدولة التزامات خلافاً للقوانين السارية فتستوجب موافقة أغلبية مجموع أعضاء المجلس النيابي.

ويناقش المجلس المعاهدات التي يترتب عليها مساس باستقلال الدولة أو سلامة أراضيها، توطئة لقيام الحكومة بطرحها على الاستفتاء الشعبي العام.

 

الانضمام للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي هو انتقاص لاستقلال الدولة. ونشير هنا إلى أن الدول العربية دخلت الأمم المتحدة دون استشارة مواطنيها. ولو تم التصويت اليوم على الخروج من الأمم المتحدة، لخرجت جميع الدول العربية. وهذا يعني أن الحكومات العربية لا تمثل شعوبها وتتخذ قرارات لا تتفق مع مصالح شعوبها. وهذا الأمر يجب تفاديه. لذلك من الضروري إضافة الجملة التالية في نهاية الفقرة الثانية:

" كما أنه يجب تنظيم استفتاء عام قبل الانضمام إلى المنظمات الإقليمية أو الدولية".

 

المادة 159

السلطة القضائية مستقلة، وهي صاحبة الاختصاص الأصيل بالوظيفة القضائية، والفصل في جميع المنازعات والجرائم.

يحدد القانون هيئات السلطة القضائية، وينظم هيكليتها ويحدد أنواع المحاكم ودرجاتها واختصاصاتها وإجراءاتها.

ولا يجوز إنشاء محاكم استثنائية.

 

بناءاً على ما ذكرناه في تعليقنا على المادة السابعة أعلاه، يجب إضافة الجملة التالية إلى الفقرة الثالثة من هذه المادة:

" وتلغى جميع المحاكم الطائفية".

 

المادة 169

يحدد بقانون شروط تعيين القضاة ونقلهم وندبهم وترقيتهم وتنظيم شؤونهم، ولا يجوز الجمع بين مهنة القضاء وبين أية مهنة أخرى، أو عضوية المجالس النيابية أو الأحزاب السياسية.

ولا يجوز للقاضي -أثناء توليه مهنة القضاء- حمل جنسية غير الجنسية الفلسطينية.

 

من غير الواضح ما إذا كانت هذه المادة تمنع ازدواج الجنسية للقضاة. فإن كان هذا المعنى، فهذا تشدد لا داع له خاصة أن كثراً من الفلسطينيين يحملون جنسيات مختلفة.

 

الخاتمة

هذه هي الملاحظات التي رأيت تقديمها لكم بخصوص بعض مواد مسودة الدستور الفلسطيني. وقد فضلت كتابتها بكل صراحة حتى يكون القصد من ورائها واضحاً. وأنا أرى أن تبنى الدستور في صيغته الحالية كارثة كبرى يجب تفاديها.

 

وتفضلوا بقبول فائق الشكر والتقدير.

 دكتور سامي الذيب

مسؤول عن القسم العربي والإسلامي

المعهد السويسري للقانون المقارن - لوزان

موقع معهدي على الانترنيت http://isdc.ch

موقعي الخاص على الأنترنيت http://go.to/samipage


[1]      أنظر نص الدستور السويسري بالعربية في http://www.admin.ch/ch/itl/rs/1/c101ARA.pdf

[2]      عنوان الدكتوراه بالفرنسية هو: Non-musulmans en pays d'Islam, Éditions universitaires, Fribourg, 1979, XVI-405 pages.

[3]      أنظر قائمة كتاباتي في http://www.lpj.org/Nonviolence/Sami/resume.html

[4]      النص بالعربية على الأنتيرنيت في http://www.jmcc.org/documents/palestconstitution.pdf

[5]      النص بالإنكليزية على الأنتيرنيت في http://www.jmcc.org/documents/palestineconstitution-eng.pdf

[6]      أنظر موقف الأقباط من هذه الجملة في رسالتي للدكتوراه المذكورة أعلاه ص 126-131

[7]      أنظر موقف الأستاذ احمد زكي من هذه الجملة في رسالتي للدكتوراه المذكورة أعلاه ص 130

[8]      أنظر النص الإنكليزي لهذا اليمثاق في http://www.geocities.com/joelmermet/arabcharter.html

[9]      أنظر التحفظات العربية على معاهدة حقوق الطفل في http://www.hri.ca/fortherecord2000/bilan2000/documentation/reservations/crc.htm

[10]     أنظر كتابي: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين: الجدل الديني والطبي والإجتماعي والقانوني، مطبعة البطركية اللاتينية، بيت جالا، 2002.

[11]     أنظر مقالي حول التعليم الديني في مصر وفي سويسرا في: http://www.lpj.org/Nonviolence/Sami/articles/frn-articles/enseignement.html

[12]     أنظر مقالي حول هذا الموضوع في http://www.uia.org/uiata/aldeeb.htm


إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948 

وثيقة الحقوق 1791 تتألف من عشر بنود تشكل العمود الفقري للدستور الأمريكي

 

If you like what you see here
Please click here to tell your friends about this Web Site

Please Link to Us

Copyright 2003 by the author.

All original materials at MidEastWeb are copyright. Please tell your friends about MidEastWeb. Please forward these materials in e-mails to friends and link to this URL - http://www.mideastweb.org. You can print out materials for your own use or classroom use, giving the URL of  MidEastWeb. For pages marked Copyright, printed material should bear this notice:

"Copyright by MidEastWeb for Coexistence R.A. All rights Reserved."

Reproduction in any other form - by permission only. Please do not copy materials from this Web site to your Web site.

Bibliography of the Israel/Palestine Conflict, and History of Palestine/Israel.

Subscribe to the MidEastWeb Newsletter    Learn More
Subscribe to the MEW e-dialog list   Learn More

Subscribe to MideastWeb News e-news Service   Learn More

 

 

شرق الأوسط – أخبار صراع الشرق الأوسط، تاريخ، خرائط، مصادر، حوار، تعليم السلام

Middle East Gateway

ليهود، الديانة اليهودية، العداء للسامية، التلمود، والصهيونية

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في كبسولة

 

المسرح العربي اليهودي نيماشيم

أولاد سلام إنجليزي